هدف القائمون على مشروع متحف عُمان عبر الزمان على أن يكون المبنى إبداعيًا يمثل أيقونة لعصر النهضة مبنىً ومعنىً، وأن يترجم العمارة العُمانية بأسلوب عصري، متفرّدا بتفاصيله الهندسية والإنشائية ومواد بنائه.استنبطت فكرة تصميم المشروع من شكل الجبال العُمانية وسلسلة الحجر، ويبدأ التصميم من الأرض ممتدًّا إلى الأعلى في تصميم فريد من نوعه يعكس البيئة العُمانية.
أما واجهات المتحف فاستخدم فيها النحاس بهدف محاكاة التاريخ العُماني القديم في توظيف النحاس، وتم استخدام جسور فولاذية يصل طول أضخمها إلى ٩٠ مترا، بحجم ٨٠٠ طن، أي ما يعادل حجم 500سيارة متوسطة الحجم.
شكل المعُيّن
اعتمد الشكل الخارجي للمتحف على شكل المعيّن، الذي يجعل جميع الجدران مائلة بما فيها الزجاج أيضاً، وليكون المبنى قادرا على النهوض برغم الميلان والارتفاع الكبير. حيث يأتي استخدام جميع الأحجار على شكل معيّن مستوحى من الأحجار المنقسمة الموجودة في جبال سلطنة عُمان، وينعكس شكل المعين نفسه في العناصر المختلفة للمبنى أيضًا.
كما تم تشطيب الجدران الداخلية للمبنى مثل الواجهة الخارجية بكساء من الحجر العُماني المعروف باسم وردة الصحراء. وقد تم تصميم وتشييد مبنى متحف عُمان عبر الزمان ليحافظ على قوته ومتانته ورونقه إلى عمر يصل إلى ٥٠٠ عام، وذلك بفضل العديد من التقنيات التي تستخدم ولأول مرة في سلطنة عُمان، والتي تحميه من جميع أنواع الكوارث الطبيعية.
مبنى صديق للبيئة
وضع المبنى بشكل منخفض من جهة الشرق، فالشمس تشرق على المبنى، وبالتالي يحمي الفضاءات الداخلية من أشعة الشمس المباشرة، كما وضعت في جهة الغروب نوافذ تساعد في إدخال الإضاءة للمتحف مع جدران مائلة تمنع أشعة الشمس المباشرة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تخفيض الطاقة التي يحتاجها المتحف في الإنارة. من ناحية أخرى، تم تصميم نظام مأخوذ من فكرة القلاع والمباني القديمة تحت ممر الفنون، وهو وجود الجدران التي تجعل الهواء الساخن يبرد، كما وضِعت عدد من الاشتراطات ليكون المبنى صديقا للبيئة، كاستخدامه مواد من مناطق قريبة للمشروع فالحجارة العُمانية عالية الجودة من محافظتي الظاهرة وشمال الباطنة حاضرةٌ في هذا البناء الضخم من الخارج والداخل، والتي بلغ حجمها ١٣٠ ألف متر مربع، كما استثمرت مخلفات الأحجار والقطع للاستفادة منها في الحديقة.
كما يتميّز المتحف بالواجهات الزجاجية التي تتراوح ارتفاعاتها من تسعة أمتار إلى ستة عشر مترا وتصل إلى خمسة وعشرين مترا، مُسهِمة في جعل الرؤية واضحة على الآفاق، ومن ضمن المواصفات التي تم مراعاتها في الزجاج هو اللون المعروف بآيرون غلاس الذي يكون واضحًا جدًا، واستخدام أربع طبقات من الزجاج حيث بلغ سمك الطبقة الواحدة ستة سنتيمتر وتصل إلى خمسة أمتار ارتفاع وعرضها اثنان ونصف متراً. وقد أعطى الزجاج جمالية للمتحف بحيث يتيح للزائر رؤية آفاق المشروع ويبين مناظر الجبال حول المتحف ويربط المتحف بالبيئة المحيطة من خلال انكشافها عليها.
بدايةً من التشكل الجيولوجي لأرض عُمان قاعتان ثريّتان بمحتواهما ومقتنياتهما
يُبحر الزائر منذ أن يضع أولى خطواته في متحف عُمان عبر الزمان بن جغرافيا سلطنة عُمان وتاريخها متأملاً ماضيها وحاضرها ومستقبلها بشكلِ تفاعي وباستخدامِ الوسائل التقنية الحديثة، إضافة إلى المقتنيات الثرية التي يستعرضها المتحف بن جنباته.
وينتقل الزائر في رحلةٍ سرديةٍ عبر الزمن تبدأ من أواخر عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا الحاضر، وتنقسم قاعات العرض الدائمة إلى قاعتين:
قاعة التاريخ
يستطيع الزائر لقاعة التاريخ التعرف على مختلف الحقب التي مرت بها سلطنة عُمان كجيولوجيا الأرض والسكّان الأوائل وصولاً إلى عصر النهضة، وتمتاز قاعة التاريخ بطريقة العرض من خلال المسار الزمني مع إبراز موضوعين اثنين وهما التراث البحري والأفلاج لارتباطهما بتاريخ سلطنة عُمان.
تتناول هذه القاعة عدة عصور وحقب تاريخية وهي:
· التكون الجيولوجي لأرض عُمان، والعصر الحجري المتمثل في جناح المستوطنين الأوائل، والعصر البرونزي المتمثل في جناح حضارة مجان، والعصر الحديدي المتمثل في جناح مملكة عُمان، بالإضافة إلى أجنحة اعتناق الإسلام، ودولة اليعاربة ودولة البوسعيديين.
ات والمواد المرئية التي تتحدث عن عدد من المواضيع والمواقع الأثرية مثل مستوطنات رأس الحمراء ورأس الجنز ومظاهر الحياة اليومية آنذاك، وما يتصل بالهجرات الموسمية، والتواصل البحري، وتجارة النحاس، وبناء منظومة الأفلاج.
· كما تحتوي ع ى بيئة افتراضية فائقة الدقة تتحدث عن إسهام أهل عُمان في الإسلام، ومناحي الحياة الفكرية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية المرتبطة بذلك، والإسهام العلمي للعلماء العُمانيين.
· من جانب آخر تستعرض قاعة التاريخ حقبة دولة اليعاربة، من خلال عرض صوتي ومرئي فائق الدقة وخرائط افتراضية.
وفي ختام قاعة التاريخ يتناول جناح حقبة دولة البوسعيديين أربع مراحل رئيسية هي: فترة تأسيس الدولة، وفرة الإمبراطورية العُمانية، وفرة انقسام الحكم ب ن مسقط وزنجبار، وفرة الطريق للنهضة، مع تسليط الضوء على مظاهر الحياة اليومية والإنجازات التي تحققت في شتى ميادين الحياة خلال فترة حكم الأئمة والسلاطين من أسرة البوسعيد.
قاعة عصر النهضة المباركة
تم تصميم مدخل هذه القاعة ع ى شكل فضاء مفتوح، تتوسطه عدد من الأعمدة المهيبة التي تشكل فضاءً تفاعليًّا لمنظومة العرض الصوتي والمرئي فائقة الدقة تتناول الأعوام الخمسة الأولى من عمر النهضة المباركة، ولتتيح مشهداً بانوراميًّا للقاعة، وتمثل القاعة ذروة تجربة الزائر إلى المتحف ومحوره الأساسي، وتستعرض جوانب التطور، والازدهار، والنماء في سلطنة عُمان، وما شهدته من تحول اجتماعي واقتصادي وصناعي وسياسي ملحوظ، جنبًا إلى جنب مع المحافظة على مكنونات هويتها الأصيلة وتقاليدها الثقافية العريقة. وتحتوي القاعة ع ى وسائل متحفية رقمية تفاعلية تستعرض الخطابات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه والخطابات السامية للمغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه، إضافة إلى مرتكزات النهضة المباركة كالتعليم، والرعاية الصحية، والبنية الأساسية، والعلاقات الخارجية، والسياحة، والاقتصاد، وغيرها من المواضيع.

تعليقات
إرسال تعليق